الجمعة، 8 أغسطس 2025

ورقه تعريفي عن العلامة والولى الصالح امحمدولد احمد يور

هو أمْحمد ولد أحمد يوره ولد محمذن ولد أحمد ولد محمد العاقل.
ولد في ابير التورس لأمه منانة منت والد.
عاش امحمد ولد احمد يوره، حوالي ثمانين سنة (1845 - 1923) أو 1925 حسب بعض المصادر.
كان عالما فقيها، نسابة وشاعرا موهوبا. لكن شهرة وطرافة شعره طغت على مواهبه الأخرى.
عرف بين الناس بأشعاره الفصيحة والشعبية، وبنمط آخر من الشعر يعرف عند الموريتانيين ب << أزريكة>>، وهي شعر باللغة الفصحى مع استخدام مفردات أو عبارات من بعض اللهجات الشعبية خاصة الحسانية و الولفية.

يقول :

ناشدتك الله رب العشر والطور @@ يا نفس عند فتاة الحي "شدوري" 
"حگنه" غانية يشتاق منظرها @@ غير "اص" حاجبة " و"الصيد" "غيورى". 

وله في التوسل إلى الله بإنزال المطر:

هذا العيال وإن طغى في فسقه @@ من ذا الذي يسقيه إن لم تسقه 
يا ربنا وإلهنا ياشاملا @@ كل العباد برفقه وبرزقه 
عجل على "ذي المزن" مزنا عاجلا @@ "بئر السبيل" طريقة من طرقه 
 وعلى "العجائز" تستهل كعابه @@ فينال حظا وافرا من ودقه  

وله أيضا : 

قف بالديار التى بالخط ادراسا @@ لا عار في وقفة فيها ولا باسا 
تهدى إلى ذي الهوى من نشر ساكنها @@ بعد التقادم أنفاسا فأنفاسا 
كانت سرورا وأمست وهي محزنة @@ والدهر من صفره ما سر إلا سا
(أي : ساء). 
لا تعذلونى وواسوني بأدمعكم @@ فأفضل الصحب عند الخطب من واسا 
وأظلم الناس من يهدى الملام إلى @@ من لم يقاس من الاشواق ما قاسا 
من لم يرى الخط ممطورا وساكنه @@ فإنه ما رأي الدنيا ولا الناسا 
وقصائده أكثر من أن تحصر ..

ويقول :

يالعگل أنتزلولك دارين @@ معدن لليعات الثنتين 
وحده شرگ افگطع أعليبين @@ ؤحده ساحل فيه واحل 
يلالي مثقل غيوانين @@ واحد شرگ أُواحد ساحل 

ويقول في عظم الليلة  التي ولد فيها خير البرية صلى الله عليه وسلم  والتى توافق 20 ابريل من كل سنة : 

إن الذي جاءه بالوحي جبريلُ @@ نالَ الربيعُ به فَخْرا وإِبْرِيلُ

ومنهُ قد نالت البَطْحاءُ معجزةً @@ ورُدَّ عنها على أعقابِهِ الفيلُ

ومنه طيبةُ قد طابت جَوانبها @@ غَداة حَلَّ بأهل الكفر تَنْكيلُ

إني تَطَفّلْتُ والرحمنُ ذو كَرمٍ @@ وللفقير على ذي الطول تَطْفيلُ

عسى بمدح رسول الله يُدْرِكني @@ نصرٌ وفتحٌ وتيسيرٌ وتسهيلُ

هذي فُلوسِي إذا ما الذنبُ أثقلني @@ فهي الدّنانيرُ لِي وهي المَثاقيلُ

اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه.

و من ازْرَيگةْ ولد احمد يوره: 

ضَنَنتِ بالوصلِ حتى بالحـــديثِ و لا @@ أرى ضَنِينًا سِـــواكِ الدَّهرَ ضَنَّ بـ “وَخْ”

لا تَمنعي الوَصلَ ممن يُستهامُ به @@ أتَمْنَعينَ وِصالَ المُستهامِ "لُتَخْ".


ويقول العلامة امحمد ولد احمد يوره :

ٱن ما نجلج  فالــــــــردْ @@  وخبارُ عندي مـــاتشتد
نعرف عن ش كالولي حد @@ فابلد حاظر مايبگَ بيه
أمَّ حد  اسمـــــاني  فبلد @@ ماني فيه الا غرظو فيه
انكد انجاوب ذاك الڪال @@ ابشي ڪدو وانزيد اعليه
وانكد انواسيه ابذي الحال @@ أعيارة وانڪد انسحفيه


تروى عن العلامة امحمد ولد احمد يوره قصص جميلة...
نختار من بينها هذه القصة التي أخذت مساحة كبيرة في الصحف السورية وقتها و عارض الكثير من الشعراء ابيات العلامة ولد احمد يوره التي وردت فيها :
بينما الدكتور و الاديب الشيخ ولد دومان في احد مقاهي حلب "الشهباء" رفقة بعض كبار الشعراء السوريين ، طلب منه بعضهم ان يلقي عليهم نماذج من الشعر الموريتاني و لم يستحضر الدكتور وقتها إلا  ابيات ولي الله العلامة امحمد ولد احمد يوره رحمه الله :
على الربعِ بالمدرومِ أيِّـهْ وحيِّهِ @@ وإن كان لا يدري جواب المؤيِّهِ
وقفتُ به جذلانَ نفس كأنما @@ وقفت على ليلاهُ فيهِ وميِّـه
وقلت لخلٍّ طالما قد صحبتُه @@ وأفردته من بين فتيان حيِّهِ
أعني بصوب الدمع من بعد صونه @@ ونشرِ سرير السرِّ من بعد طيِّهِ
فما أنتُ خلُّ المرءِ في حال رشدهِ @@ إذا أنتَ لستَ الخلَّ في حالِ غَيِهِ

فوقف الجميع منبهرا من شدة جمال الابيات و كان من بين الحضور الشاعر المخضرم محمد هلال فخرو .. وفي صبيحة اليوم التالي اتصل شاعر الشهباء "هلال فخرو" على الدكتور ليقول له انه لم يذق طعم النوم من ليلة البارحة من شدة جمال الابيات و انه عارضها بهذه الابيات الرائعة :
تحاملتُ عصراً نحو أطراف حيِّهِ @@ أسائلُ عن ليلاه فيه ومَيِّهِ
لقد كانتا ترباً لمن قد فقدتُـهُ @@ لعلَّ لدى إحداهما علمَ حيِّهِ
فقال لي الصبيانُ : ليلى تُوفيتْ @@ ومَيَّةُ في قاع الرشاد وغَّيِّهِ
فما تبتغي ..؟ قلتُ السلامةَ والهدى @@ وسِرتُ شجيَّ الحلقِ من بعد ريِّهِ
يكاد يرى الراؤون وقعَ جوابهم @@ فقد بانَ فوق الوجه آثارُ كَـيِّهِ
يحقُّ لمثلي أن يدلِّـهَهُ الهوى @@ ويعرِضَ عن أزياءَ ليستْ كزِيِّهِ
فيا شاعرَ المدرومِ شعرُكَ قاتلي @@ فأيِّهْ .. فما أسمعتَ غيرَ المؤيِّهِ

فعارض الدكتور بدوره ابيات العلامة ولد احمد يوره بهذه الابيات الجميلة :

رويتُ حمى المدروم مثلَ أُخيِّهِ @@ بدمعي فما أوفيته حقَّ رَيِّهِ
فخاطبني طيفٌ لحسناءَ قائلاً @@ أتبكي على المدروم يا ابنِ أُبَيِّـهِ
فقلتُ لها من أنتِ .؟ هل تعرفينه ؟ @@ ولم تدري عن ليلاه شيئاً ومّيِّهِ
فقالتْ : أنا من أبرؤ العشقَ والهوى @@ وأثني ذراعَ الشوق من بعدِ لّيِّهِ
فقلتُ: وجرحُ القلب بالأيِّ نازفاً @@ كجرحِ فتى المدروم في يوم غّيِّهِ
فقالت : إذاً فالكيُّ .. قلتُ : لربما @@ فليس يرجَّى البرءُ إلا بكيِّهِ
فقالتْ: لأنت الخلُّ في الرُّشدِ والغوى @@ فأيِّهِ على المدروم يا شيخ أيه


فصل الدعاء و الإبتهال إلى الله، ( و يشمل 18 قطعة مرتبةً ترتيبَ الحروف الهجائية)، من ديوان العلامة امحمد ولد احمد يوره :

يقول أخونا الدكتور جمال ولد الحسن رحمه الله عن العلامة امحمدْ بن أحمد يوره :
" ابتكر منهجًا في الشعر جديدًا يقوم على المزاوجة بين الفُصْحاء والعامية حسَّانيةً و صنهاجية و ذلك من أجل تقريب الشعر من حياة الناس و لُغتهم بالتِقاط التعابير الدارجة المشحونة بالدلالات الإجتماعية لتحويلها إلى ألَقٍ شعريٍّ وهَّاجٍ قوامُه اللمحة الخاطفة يتضمنها بيتان أو ثلاثة فإن أطال لم يكد يتجاوز العشرة ".

                                   1 - حرف الباء

إنَّا اسْتَعَذْنا مِنَ الْمُوذِي وَمُوجِبِهِ @@ بِمَا ٱسْتَعَاذَ بِهِ خَيْرُ الْوَرَى وَ بـِهِ
يَا رَبِّ نَجِّ مِنَ الآفَاتِ حَاضِرَنَا @@ وَ مَنْ تَغَيَّبَ مِنَّا فِي تَغَيُّبـِـــهِ
ثُمَّ الصَّلاَةُ عَلَى الْمُخْتَارِ مِنْ مُضَرٍ @@ مَا جَلْجَلَ الرَّعْدُ فِي أَرْجَاءِ صَيِّبِهِ
                            
2 - حرف التاء

يا من اليك دائـما لجاتي @@ إني لذو بضاعة مـزجاة
فركبني مع قضا حاجاتي  @@ مراكب النجاح والنجاة
3 -
 

يا رب لا سهل إلا ما تسهـله @@ والحزن تجعله سهلا إذا شيـتا
فسهلن لي أمورا أنت تعلمهـا  @@ وشتتن شمل هذا الهم تشتيـتا
واضرب علي بسور لا أزال به @@ مستعصما أبدا إن قيل لي هيتا
ثم الصلاة على المختار شاملـة  @@ آلا كراما وأصحابا مصاليـتا
                                   4 - حرف الجيم

دعوتك مفضالا كريما إذا ترجـى @@ ينال الذى يرجى لديك وما يرجــا
فكم نال منك الخير من ليس أهله @@ وكم ظفرت بالسبق في عودها العرجا
                                   5 - حرف الدال

أعوذ بالله من "سيط" ومن "لقد" @@ ومن لهازم لا تخفى ومن عـقد
أعوذ بالله من شر الحسود ومـن @@ شر النوافث إذ ينفثن في العقد

6 - حرف الراء

إن لله فى الدجى نفحــات @@ ليس فيها عن طالب الخير حجر
فهي للبائس المفلس تجـــر @@ وهي للخائف المطرد مجـــر
كم أتاها من ذي عياب خفاف @@ ثم ولى من يمنها وهي بجـــر
فإلى الله أول الليل فاسعــوا @@ وإذا يدن منكم الفجر فاجـرو
                               
7 - حرف الصاد

دعوتك وهابا حليما إذا تعصى @@ لمطلوبي الادنى ومطلوبي الأقـصى
فعجل قضاء الدين عني فإنـني @@ علي ديون لا تعد ولا تحـــصى
ولا تدع الحساد إلا بحطــة @@ إذا طلبوا نقصي تكون لهم نقـصا
وصل على قطب الكمال محمد @@ صلاة بها الإِعسار يمسي لنا رخصا
                                   8 - حرف العين

دواعي اللهو والسفه المطـاع @@ وقفن على ثنيات الــوداع
وقنعك الزمان قناع شيــب @@ يقنع عنك ربات القنـــاع
بمحيي الدين متصل البعــاع @@ وبالبدوي أحمد والرفـــاعي
وبالمتدينين ذوي سلــــوك @@ وأرباب التواجد والسمــاع
إلهي دافع الأعداء عنــــا @@ فإنا عاجزون عن الدفـــاع
صلاة الله  يتبعها ســــلام   @@ على ذي السبق في الزمن المطاع
                             
9 - حرف الفاء

أ مولاي بالتسخير جد لي وباللطف @@ وجذب قلوب الناس عطفا على عطف
وجد لتراب القلب بعد محولهــا @@ بوابل نور من سحائبك الوطـــف
سحائب يشفى كل داء بيمــنها @@ وتغدو بها الآمال دانية القطــــف
10

ألا ياخفي اللطف أَسْأَلُكَ اللطفا @@ وأمنك وسط اللحد والعفو والعطفا
وأخذ إلهي باليمين صحيفــتي @@ إذا أخذ الأبرار بالأيمن الصحــفا
                               11 - حرف القاف

مهما تخف من نيوب الدهر نائبة @@ فلذ بربك فهو الحافظ الواقي
رقية أم كلثوم وفاطمــــة  @@ وزينب خير ما يرقي به الراقي
                                12 - حرف اللام

حسبي الحسيب وباسمه أتوسـل @@ فهو المهيمن والعزيز الأول
حسبي الحسيب ولا يراع بنكبة @@ عبد يبسمل دائما ويحسبل
فهو الذي عم البرية طَوْلُـــهُ @@ والبِرُّ والإِحسان والمُتَفَضِّلُ
أرجو وآمل أن يكون مبــدلا @@ فعلاتي الكُبْرَى اللوا لا تفعل
ثم الصلاة على النـــبي وآله @@ غوث الأنام ومن به يتوسل
13
إنِّي استعذت من المخاوف كلها @@ ومن المكاره كلها بالبسمـله
ومن المصائب في الديانة والدنى @@ من كل خطب مفزع بالحسبله
ومن الشماتة من عدو حاسـد @@ أو من مريب حاقد بالحوقلـه
متحصنا عند الممات وبعــده @@ من كل هول هائل بالهيللــه
حتى أنال بقولها أقصى المــنى @@ وعَلَيَّ حينئذ لواء الحمدلــه
                               14 - حرف النون

أدعوك ربِّي بسر الكاف و النـون @@ وما دعاك به ذو النـون في النون 
افتح لنا منك باب الخير عن عجل @@ يا جاعل الأمر بين  الكاف والنون

15

تقنعت من حَوْكِ القناعة حلـة @@ تُذَالُ عُرُوضِي دونها و رَقِينِي
وان شك في المأمول غيري فإنني @@ يقيني من الشك المريب يقيني

16
تفضل بسجل يا معين ويا مغني @@ من النصر والتيسير والأمن واليمن
                                   17 - حرف الهاء

إنا على الرُّعْبِ والرَّغْبَاءِ دَيْدَنُنَا @@ يَا للهُ  يَا للهُ لاَ مَدْعُوَّ إِلاَّ هُـو
وحسبنا الله تكفينا وليس لنـا @@ عند الشدائد الا حسبنا الله

18

أستغفر الله من عجزي ومن كسلي @@ عن الفرائض والجاري بمجراها
أستغفر الله  مما قد أتيت بــــه  @@ من مأثم ثم لم أستغفر اللـــه

ويقول في المولد النبوي الشريف :

إذا هَالَ هـــــــــــولٌ واشمأزت لِهولهِ @@ نفوسٌ وظنَّـــــــــــتْ أنه ليس يدرك

جعلنا رســــــــول الله من دون شره @@ حجابا وسترا مانعــــــــا ليس يهتك
 
ومن يحتجــــــــب من كل شر وآفة @@ بأفضــــــل خلق الله لا شك "يَسْلِكُ"

ويقول العلامة والشاع الكبير :

حد ابغانِ نرعَ لمگاد @@ افبَغيُ وانزوز المعتاد
أحد اكرهنِ منُّ نبعاد @@ اعل حاله ماهِ غجرَ
وانواسِ لمْوَاسينِ زاد @@ ريحت حجرَ، ريحت

ويقول :

يوم أوادي لول معدود @@ فيام الطربه يالمعبود
گيلت امع نصرت لغيود @@ امگيل اعل راصو معلوم
واليوم أللا ذان مزهود @@ من نصرت لغيود ؤمظيوم
اعل راص واغرور إعود @@ كفارت ذاك اليوم -اليوم
واعي ذا الوصف  إبد اعليه @@ الدهر  ؤحامد للقيوم
إلي ما دايم  طربِ  فيه @@ لعل حزمِ  فيه  إدوم

يجدر بنا أن نذكر أن، امحمد ولد احمد يوره، عاصر حقبة فحولة القصيدة الشنقيطية في القرن الثالث عشر الهجري. 
حيث كان المجتمع الشنقيطي يزخر بالكثير من كبار العلماء والشعراء.
ورغم ذلك كان انتاجه يحظى بنسبة عالية من التجاوب والاستحسان من طرف الذائقة.
و كان ل امحمد في شعره الفصيح نمطان أحدهما يتمثل في ما عُرف بشعر ( إزريكَه).. الذي لم يكن هو أبا عذرته، رغم تفوقه فيه. و قد خصص هذا اللون لشعر الإخوانيات و الغزل و الوقوف على الطلل...

و من ذلك قوله:

من العار أن يبقى بعينيك مدمع @@ و قد لاح من بين المنارين مربعُ

و أخبرتُ أن الحقف أقوت ربوعه @@ و أن أضاة الثور بيداء بلقع

و لم تصغر الآذان إلا لسمعها @@ لما لم تكن من قبل ذلك تسمع..

أما الغرض الذي نجد امحمد يتقيد فيه بالنهج (الجاد)..  النمط الثاني من شعره فهو غرض الرثاء... و لئن كان لامحمد في هذا الغرض أسلوبه الخاص به و مميزاته النمطية التي تخرج، تارة، عن مألوف الغرض و نمطيته...

و إذا ألقينا نظرة أفقية على هذا الغرض عند لمرابط امحمد تبين لنا أن هنالك أربع بنيات مختلفة للقصيدة الرثائية في شعره.. فمن رثاء صرف إلى رثاء ممزوج بالمقدمة الغزلية  إلى رثاء ممحض للغزل إلى غزل ممحض للرثاء...

1- الرثاء الصرف:

رثى امحمد مجموعة من أعلام من وسطه الاجتماعي من الإيكَيدي.. و من أشهر من رثاهم محمذ ولد حبيب ولد السيد.. الذي قال فيه رثائيته المشهورة و بدأها بقوله:

نغر بهدأة الزمن القصير @@ و قد حان المسير إلى المصير

و نعرض عن عوارض كل يوم @@ تلوح لذي البصير و البصير

و ما يغني عن العذراء شيئا @@ مضاجعة الحصور على الحصير

ستصرمك الغدور فصارمنها @@ و قل بيديَ لا بيدي قصير...

فجاءت هذه المقدمة الوعظية التي تحدثت عن حتمية الفناء و قِصر أمد الحياة.. مع ما يظهر لنا كل يوم من عوارض تلوح للمتبصر و المبصر... و لكننا نتغاضى عن ذلك فلا يجدي فينا شيئا كما لا تجدي مضاجعة الحصور عن العذراء... و يوجه بعد ذلك هذه النصيحة للإنسان بأن يصارع الغدور التي هي ( الموت)... و بين أن ذلك الاستعداد ينبغي أن يكون بيد الإنسان لا ( بيدي قصير).. و هنا استلهام لأثر من التراث العربي القديم... يعضد قوة الغدر..في قصة مشهورة من الصراع بين مملكتي الحيرة و تدمر... قيل إنها كانت في القرن الثالث الميلادي..

و ينتقل الشاعر إلى أسلوب النداء ليتخلص إلى رثاء الفقيد و الدعاء له... بقوله:

ألا يا ديمة الرحمووت أمي@@ فقيدا كان مُفتقد النظير

و جري من ذيولك ما يوازي @@ على ذي السبق و الورع الخطير

ألا نعم الملاذُ إذا ألمت @@ نوائب ذات شر مستطير...

و من ذلك أيضا مرثيته للعلامة البرا بن بكَي الفاضلي التي يقول فيها:

أصاب الزمان فما قصرا @@ و لم يًبق كسرى و لا قيصرا

و لم يبق ظبيا و لا ظبية @@ و لم يبق ليثا و لا جؤذرا

محمد صبرا فأنت الذي @@ جدير بمثلك أن يصبرا

أبوك البرا فاق أهل البرا @@ و أنت الخليفة بعد البرا..

فكان الشاعر هنا يسير على نمطية الغرض من حيث الحديث عن حتمية الفناء و مصير الإنسان الأزلي في صراعه مع الزمن و انهزامه أمامه مهما كانت عظمة ذلك الإنسان و قوته..  ليصل بعد ذلك إلى المرثي و ذكر خصاله و تفوقه على أهل زمانه و تعزية خلفه...

2 - الرثاء الممزوج بالنسيب :

كانت للمرابط امحمد طريقة أخرى في الرثاء نجدها في رثائه  لمحمذ ولد بابكر ولد احجاب الفاضلي.. في قصيدته التي يقول في مطلعها : معاهد حول البير بانت سعادها @@ و لم يبق إلا نأيها و رمادها..

و في رثائيته للشيخ سعد أبيه بن الشيخ محمد فاضل..... التي يقول فيها :

نواصح.. لكن ليس يًسمع قيلها @@ بثينة من تهوى و أنت جميلها

يمينا.. و من شر الألايا أليةً @@ يكون على المولي، مبينا، دليلها

لقد هيج البرق اليماني موهنا @@ بقايا هوى لا يُستقل قليلها

و أظلمت الأيام مذ بان بدرها @@ و دفاع جًلاها الرضى و جليلها...

و طفق بعد هذه المقدمة و التخلص يعدد سجايا المرثي و خصاله.. من حيث تأمينًه للنُزال و حماه الذي لا يضام و دعواته المُجابة ليختم بعظم فقده على كل الأقطار و عظمة مصاب الدنيا به... فكانت القطعة مزيجا من غرضين قد تشكل العلاقة بينهما النشاز... و لكن يد الشاعر الصناع ألحمت السدى بين هذا و ذاك حتى رأب ثأي ذلك النشاز...

3-  الرثاء في قالب الغزل :

نتوقف في هذا الباب عند نموذجين من رثاء امحمد لأقرب الناس إليه... و ذلك في :

أ - رثائه لأمه امنيانه بنت محمد فال ولد والد ولد خالنا.. يقول فيها :

أهاذي جمال الحي مُسيا تُنوخ @@ و هذا غراب البين بالبين يصرخ

أأحبابنا إنا على الهجر و النوى @@ نُلام على أشواقكم و نوبخ

و قد مارس الأشواق من كان قبلنا @@ و لكن هذا الشوق أرسى و أرسخ

حلفتُ.. و من يحلف على الزور لم @@ يزلْ بأشنع عار في القيام يوبخ

لئن نسخ الشيب الصبابة و الصبا @@ لفي القلب عهد محكم ليس يُنسخ

ذكرنا لكم بعض المرام و بعضه @@ مخافة تطويل عليه نلخخ..

بالفعل لم يُطل امحمد في مرام القطعة ذات الستة أبيات التي أراد بها رثاء والدته الحنون .... و لم يورد أي ذكر لها.. كما أنه لم يورد أي معنى له علاقة بغرض الرثاء، مما يجعلنا نكاد نجزم أنه أراد، عن قصد، إخفاء شعور الحزن لديه.. و الظهور بمظهر الصابر المحتسب المتجلد...

ب - رثائه لشقيقه محنض الذي لم يختلف من حيث النهج عن سابقه... يقول :

أبكِ الربوع بدمع منك منطلق @@ عيب الديار على من بالديار بقي

منازلٌ بدلت عفرَ الظباء بمن @@ قد بدلوا لي لذيذ النوم بالأرق

لما وقفتُ بربع الدار ملتمسا @@ سلبا لدائي بباقي رسمها الخلق

لم تسلب الدار مني الداء و استلبت @@ ما كان أبقاه برح الشوق من رمقي

يا نفس صبرا على ما كان من وله @@ فسوف يأفل نجم الحزن و القلق

و روضة اللهو أن يتاح لها @@ بعد الجفاف اخضرار العود و الورق..

ستة أبيات أخرى لم يرد فيها ذكر المرثي و لم تكد تختفي فيها حقول الغزل و النسيب... إلا ما كان من العبء المتبقي على المتخلف في الدار.. و تحمل المسؤولية بعد أن كانت متحملة عنه... و لا ننسى هنا وهناك طغيان الثقافة العالمة في الحديث عن المنسوخ من الآي و المحكم و عقوبة الحنث في القسم إلى  القاموس الرياضي في السلب و الاستلاب... فهذا رثاء امحمد لأقرب الناس إليه الذي يمكن أن يصدق عليه ما قاله، يوما، أحد الحقوقيبن في مرافعات أحد أشهر محامي البلد... إذ علق على مرافعة له أعجبته قائلا: " إن مرافعاته يوجد فيها كل شيء إلا القانون".. فكذلك رثاء امحمد لذويه يوجد فيه كل شيء إلا الرثاء!

4- الغزل في أسلوب الرثاء :

هنالك نصوص للمرابط امحمد صنفها الرواة على أنها من الغزل.. وتغنى بها المطربون... و مع ذلك طغى عليها قاموس الرثاء بجميع حقوله الدلالية من حيث التفجع و البكاء و الحنين و انصرام حبل الوصال إلى الأبد... فمن ذلك قوله :

أتمسك دمع العين و هو ذروف @@ و تأمن مكر البين و هو مخوف؟

تكلم منا البعض و البعض ساكت @@ غداة افترقنا.. و الوداع صنوف

و آلت بنا الأحوال آخر وقفة @@ إلى كلمات مالهن حروف

حلفتُ يمينا لستُ فيها بحانثٍ @@ لأني بعقبى الخانثين عروف

لئن وقف الدمع الذي كان جاريا @@ لثم أمور ما لهن وقوف...

لا شك أن قاموس البكاء و الحنين واضح في هذا النص.. مما يجعله أكثر تمحضا للرثاء من غيره من نصوص امحمد.. خاصة النصين السابقين... فالشاعر انطلق من وضعية الدمع الذروف، بصيغة المبالغة، و تحدث عن البين و الفراق... و تنمو أفكار النص في زمن القصيدة لينقشع غبار جدلية الرحيل و البقاء عن ردود فعل منها المنطوق و منها المسكوت ( عليه) أو عنه... فيتحول الكلام المنطوق إلى كلام مرموز... أسماء أصوات أو أسماء أفعال..  و ذلك منتهى التأثر... 
فمن المعلوم أن الآهات و الحنين لا تترجم بالكلام و إنما رسم لأفعال تصدر عن النفس... و في الأخير ينقلب الأسلوب القصصي إلى أسلوب القسم... الذي يعد من أقوى أساليب الخبر في علم المعاني... مما يعرف بالأسلوب الإنكاري... ليقسم صاحبه أن هنالك امورا لا انقطاع لها.. فما هذه الأمور؟ لا بنبغي لنا أن نقصر ذلك على المعنى الغرامي او على بعض المفاهيم العاطفية البسيطة.. بل قد يسرح بنا الفهم إلى معنى الحديث الذي رواه أبو هريرة، رضي الله عنه، عن النبي، صلى الله عليه و سلم.. و المتعلق بانقطاع عمل المرء بعد موته إلا من ثلاث منهن ولد صالح يدعو له بخير... و لذلك قد نقول إن تلك الأمور التي لا انقطاع لها و لا وقوف هي دعاؤه لأمه الفقيدة... و أن ذلك الدمع الذروف قد يكون بكاءه عليها... و أن تلك الكلمات التي لا حروف لها هي آهاته و توجعه لفقدها... و لا شك أن امحمد، و هو من يدرك مقام الولد الصالح، لن يغفل ذلك في شعره... و مهما يكن فإن النص قد لا يكون متمحضا للغزل... و مثله في ذلك قوله :

تشوقتُ الأحبة يوم بانوا @@ كما اشتاق الحمام إلى الهديل

إذا سلكوا أجارع ذي سبيل @@ فليس إلى التواصل من سبيل

و إن أك بعد بينهم بصبر @@ هممتُ .. فقد هممت بمستحيل

كأن القلب من ولهِ و شوق @@ غداة رحيلهم لبن الرحيل..

مقطع آخر فيه شاعرية فذة و انسيابية عذبة... تشوقٌ لأحباب بانوا.. بماذا؟ و بمن سلكوا أجارع بئر السبيل؟ مهما يكن من أمر فإن سلوك أغوار بئر السبيل أو نجوده لن يشكل كبير بيْن و لا بينونة عند امحمد... و لا يقتضي ألا يكون هنالك " سبيل للتواصل" إلا إذا كان الراحل راحلا إلى مثواه الأخير... و ختم بالعبارة الأخيرة التي تدل على التأثر الشديد و إظهار ذلك التأثر في كونه صار (أفسد) من اللبن الذي كان أهله مترحلين.. ففسد روبانه لكثرة الاضطراب و الحركة...

و نتوقف أخيرا عند بيتين يتحدث فيهما عن عجزه عن إمساك الدمع و أن من أمر بذلك لم "يأمر بمعروف"... من يأمر الدمع في دار لمعروف @@ أن يمسك الدمع لم يأمر بمعروف

عار على العين إمساك لأدمعها @@ بالملزمين و إمساك بمعروف...

فهاذان البيتان قد يدخلان في ذات السياق مع القطعتين السابقتين... و من هنا يمكننا أن نقرر، دون كبير عناء، أن شعر الرجل فيه من المقول و المسكوت عنه نماذج يمكنها أن تكون موضوع دراسات جادة في فهم دلالات الشعر الشنقيطي و تبرهن على ثراء هذه النصوص و عمق دلالاتها......

الأحد، 19 نوفمبر 2023

الشيــــــــــــــــخ حامدن امح


 الشيخ حامدن ول امح


بتنمهينين شمال شرقي مقاطعة المذرذرة بولاية الترارزة اثناء رحلات الانتجاع سنة 1332 هـ / 1914 م رزقت اسرة اهل امح بولد سموه حامد لأبيه محمذن الملقب امح بن المختار بن اجمد بن عبدان بن متيلي بن احمذنلل لأمه مريم منت أحمذو ول محمذن ول محنض ول المصطف ول متيلي ول أحمذنل، ينتمي حامدن الي اسرة شريفة تنسب لدوحة المجد من الأدارسة الذين هاجروا الي المنتبذ القصي وتوطنوا مع بني ديمان في اكيدي وعرفوا باخلاقهم الفاضلة، درس القرآن وحفظه علي والده محمذن الملقب امح المتوفي سنة 1387 هـــ كما درس عليه نظم مورد الظمآن في الرسم للشيخ محمد اليدالي ونظم عطية الوهاب في ما تجانس من الكتاب للمختار بن بدح ودرس عليه بعض كتب الفقه كالاخضري وابن عاشر ورسالة بن أبي زيد القيرواني، ودرس علي أخيه الاكبر أحمدو ول امح المتوفي سنة 1410 في مجال النحو المقدمة وعبيد ربه والنصف الاول من الفية بن مالك وفي اللغة قصائد المعلقات السبع. ودرس في السيرة نظم الغزاوات لأحمد البدوي المجلسي وقرة الابصار لعبد العزيز اللمطي علي حامدن بن بيدح المتوفي سنة 1377 ه ونظم عمود النسب علي اخي سابقه عبد الله بن بدح المتوفي سنة 1382.ودرس مختصر خليل في الفقه وألفية بن مالك بطرة محنض باب بن اعبيد، ولا مية ابن مالك كذلك في الصرف علي عدة علماء من بينهم باركلل بن محمذن بن محنض باب بن اعبيد و اخوه حامدن بن محمذن و امين بن حامدن و أحمد بن محمدا بن حامدن والحسن بن زين العابدين ابن اليدالي، و باب بن محمودن و احمدو بن اشفغ خيري الحسني ومحمد حامد بن آلا الحسني و بابا بن عبد الرحمن و حامدن بن بدح و باركلل بن محمذن و أحمد بن محمدا وسيد احمد بن اسمه 

اتصل بالشيخ سيد محمد بن اشفغ الحمد في بداية الستينات من القرن الميلادي، وأخذ عنه الطريقة القادرية وكانت تربطه صلات وثيقة بالكثير من معاصريه كمؤرخ موريتانيا واديبها الكبير المختار بن حامدن الذي كان يعتبره أستاذه في الشعر حيث كان يعرض عليه بواكير شعره وقد جرت بينهما مساجلات شعرية حيث يقول له المختار بن حامدن:

أبوك الرضا يا حامد بن محمد* :: أضفت إليه حامد بن محمد*

وزدت مضافا بل مضيفا صحبته :: تنورت منه الشيخ سيد محمد

أضفت إلي قرءان ذالك علم ذا :: إلي هدي ذلك الصالح المتجرد

* يعني بمحمد الاولي محمذن الملقب امح وبمحمد الثانية محمذن بن محنض باب

وعند ادائه لفريضة الحج عام 1985 م نزل ضيفا عليه بالمدينة المنورة فاستقبله بالابيات التالية:

محبتي لحامد ابن امح :: مكتوبة في القلب لا تمحي

اهلا به من صالح طامح :: للخير لم لغيره يطمح

ومحجم مستنكف عن دد :: ألجم نفسه فلم تجمح

وسامح بالعرض إن ينفتح :: عينا وبالمكسور لم يسمح

فرد عليه بالابيات التالية منوها بحفاوة الاستقبال:

أخلائي أحدثكم حديثي :: وحيث سمعتموه تعجبونا 

لدى بير المنيكر كانت أمي :: هناك دفينة وأبي دفينا

وفي حرم النبي وجدت أما :: علي عطوفة وأبا حنونا

وجرت بينه مراسلات أدبية بينه وبين عبد الله بن امين يقول حامدن :

سلام علي عبد الاله من البعد :: سلام كصافي الوصل أو فائح الرند

ولقيا حبيب بعد طول تغيب :: فموجبه أن كيف حالكم بعدي؟

وإنيَ لا انسي ليالي أسفرت :: بغربتنا عن خالص العطف والود

وأنشد بيتا قاله قبل شاعر :: تأكد في الموضوع إنشاده عندي

"سلام وإرسال السلام من البعد :: دليل علي حفظ المودة والعهد"

فأجابه عبد الله بن امين بالقطعة التالية:

إليكم تحيات مباركة أهدي :: وأهدي سلاما طيب الطعم كالشهد

فضضت عن الابيات ختم غلافها:: فتقت الي الهادي الي سنة المهدي

وتقت الي ام القرى وجبالها :: وما حول سلع من جبال ومن وهد

وما أنا في أيامنا الغرر التي :: مضت بالبقاع الطاهرات بذي زهد

ولي سنحت ابيات شعر قديمة :: تدل علي أني مقيم علي العهد

»فمبلغ جهدي ان سلام عليكم :: ولييس يلام المرء في مبلغ الجهد

كما كان وثيق الصلة بالقاضي سيلوم ابن المزروف حيث يخاطبه حامدن بن امح عند تحويله من روصو الي مقاطعة دار النعيم :

مامن حديث يسلي قلب مهموم :: ولا مذاكرة من بعد سيلوم

ولا حكاية آداب مؤنسة :: مزيلة للأسي عن كل مهموم

تاهت به روصُ قبل اليوم وازدهرت :: بحل مشكلة او نصر مظلوم

أو نشر مكرمة أو بث فائدة :: من النوادر منثور ومنظوم

ياروص سيلوم عنك اليوم مرتحل :: فارضيْ بحكم من الحكام مقسوم

فقد اعدوا له دار النعيم وقد :: فازت بسهم من الخيرات معلوم

والله يجمعنا من بعد فرقتنا :: مع طول عمر لنا بالخير معلوم

ويقول القاضي سيلوم ابن المزروف مقرظا ورقات حامد بن امح في خبر احمذنلل:

جزى الله عنا الشيخ والحبر حامدا :: من احرز اذ حاز الفخار المحامدا

عرفناه بدرا زاهر النور باهرا :: عرفناه بحرا زاخر الموج ماجدا

عرفناه يتلو آخر اليل خاشعا :: عرفناه حقا في المساجد ساجدا

عرفنا أديبا منه إن عنَ مقصد :: تقنصه صيد القصائد صائدا

له خلق عذب شهي مشاهد :: علي كرم في النفس قد كان شاهدا

تبارك فيه الله لازال ساعيا:: الي الخير يرقي في السلالم صاعدا

معافى صحيحا في سرور وغبطة :: وقرة عين شاكر الله حامدا

أيا حامدا فيما كتبت كفاية :: عن القطب أحمذنلل لو كنت زائدا

على أن نزح البحر بالراح متعب :: فلم يك نزح البحر بالراح واردا

ويخاطبه المختار بن محمدا قائلا:

إلى حامد إلف المحامد من يصلْ :: يجد راحة بالقلب والروح تتصلْ

خبير بآداب البلاد وأهلها :: عليم بعلمي ما أحل وما حظل

يدل علي المولي بمنهض حاله :: وقول مفيد لا مخل ولا ممل

أدام عليه الله انعمه التي :: يعرفها ادمانها حين تكتمل

التقى الشيخ حامدن بن امح مع الأستاذ المختار ول حامدن في منزل العالم احمد ول باب ول محمودن في ابلوكات بنواكشوط سنة 1969 واقترح عليه تأسيس مدرسة تسمح بتوظيف أجيال اهل احمذنلل فأسس حامدنمحظرة في المذرذرة في منتصف السبعينات من القرن الماضي، وقد ذكر هذه المحظرة صاحب المنارة والرباط وقد وقع تصحيف في الاسم حيث كتب (حامد ان اماه) بدل (بدل حامدن بن امح) ولعل ذلك بسبب رجوعه للمراجع الفرنسية، وقد دامت اكثر من عقد من الزمن وكان لها دور كبير في تنوير الساحة الثقافية واستفاد منها الكثير من الطلاب الذين التحقوا بالتعليم النظامي من بينهم الكثير من النساء منهم بناته وأبناءه ومن أبناءه الاديب استاذ الفيزياء المشهور إن ول حامدن ول امح، ومن آثاره العلمية: ديوان شعر مخطوط و أنظام متعددة في التوسل والدعاء، و نظم في أنساب أبناء يعقبنلل بن ديمان كمل به نظم باركلل بن محمذن بن محنض باب في أنساب أبناء يعقبنلل بن ديمان، و ورقات في خبر أحمذنلل بن محمد بن سيدي ابراهيم، و ورقات في عمل الجوارح، 

- شرح نظم لابي بكر بن مامين في أحكام الحيض.

لازم حامد الصلاة في الجماعة حتي آخر أيامه و توفي رحمه الله يوم الاثنين الثالث عشر من ذي الحجة 1422 الموافق 25/فبراير2002 في روصو ( لكوارب )ودفن فيه عن عمر ناهز 90 سنة، وقد رثاه الكثير من الشعراء والعلماء نورد من ذلك مرثية قالها القاضي محمد بن باركلل:

اذا غاب عنا حامد نجل امح :: ففي فقده فقد الحلاحل الاريحي

وفقد الاديب المستطاب حديثه :: لمنطقه ان يصغ ذو الهم يرتح

فمن لعلوم حيث أحكم قفلها :: ومرت به منها الغوامض تفتح

فإن كنت عن نحو الكسائي سائلا :: فسله وسل إن شئت عن فقه الاصبحي

ومن لصدور قد تضيق بمعضل :: ألمَ وكانت حيث وافته تشرح

فمسعاه مسعي عالم عملٍ بما :: تعلمه حلو الشمائل مصلحإ

إله ارض عنه واجزه أحسن الجزا :: بمقعد صدق من به حل يفرح

وأنعم عليهم في الذين وصفتهم :: بأعلى رفيق والبقية أصلح

وليس لنا الا الرضى منك بالقضا :: فإنا بما تقضيه إن نرض نربح

وإن لنا حسنالعزا في الألى بقوا :: إناثا وذكرانا وفي اسرة امح


كامل الود

الأحد، 12 نوفمبر 2023

قبس من نور اهل العاقل

13 نفمبر الذكرى السابعة   لرحيل والدنا و فتانا و شيخنا و عالمنا  و فخرنا  العلامة الجليل بيها ولد سيدي ولد التاه " بَبَّ" علما رحمه الله و أسكنه فسيح جناته و شفى شقيقه العلامة الفخر حمدا ولد التاه. و أمد  لنا في عمره 


فتانا الذي كالسيـــــف مذ آثر الغمدا        

        تداعت له العيـــــــــــــن الصحيحة والرمدا

وما ذاك إلا أنـــــــــــــــه وهْو واحد    

     كثير بما من مكرمات لــــــــــــــــــــــه عدا

جليل بما أبدى من الفضــــل والتقى         

      فريد بما من أوجـــــــــــــه الخير قد أسدى

فقدنا بـــــــــه في قطرنا البدر بازغا          

      أو الغيث منهـــــــــــــــــــلا أو البحر ممتدا

فقد كملت منه المحاســـــــــــن كلها           

     فصار بـــــــــــــــها جمعا وصارت به فردا

ولولا أخ فيـــــــــــــــه الذي فيه كلُّه       

        به نَتَعَزى لم نطــــــــــــــــــــــق ذلك الفقدا

كأن الذي قد أوجب الصبر بعـــــــده           

     علينا بفضل منـــــــــــــــــــه عوضنا حمدا

ولولا بنوه لم نطــــــــــــق منه بُعده         

       فقد قرَّبوا منـــــــــــــــــــــــه لنا ذلك البعدا

سقى الله قبـــــــــــــرا حله كلَّ صيب         

       وأعذب منــــــــــــــــــــــه للمقيم به الوِردا

وأسكنه أعلى الجنان وطَيَّبَـــــــــــت        

        ثراه خُزامــــَـــــــــــــى أزهرت حوله وَردا

ولا سُد باب كان قبـــــــــــــــل وفاته      

          به مُشرعا في المكرمــــــــــــــــات ولا رُدا

ولا زال فينا من يضارعــــــــه هدًى     

           ولا زال فينا من يضــــــــــــــــــارعه زهدا

كما ضارع الشيـــــــــخُ الفقيدُ أبًا له    

            وجدًّا حكى فعــــــــــــــــــلا مضى لهما جِدا

فصرنا كأنا قــــــــــــــــــد دفنا بقبره      

          ثلاثــــــــــــــــــــــــة أسد بَبَّ والأب والجدا

على أن مثل الشيخ صعــــب وجوده     

           فكيف يحاكي الشيــــــــــــــــخ من عَدَّه نِدا

إذا لم يكن ممــــــــــــــن تلقى وِراثة    

           سريرتَه أو كان ممـــــــــــــــــــن به يُهدى

وكل محاكاة له فعزيزة

وإن جد من حاكاه واستنفد الجهدا

وأمعن في فعــل الذي كان فاعلا

وأخفى الذي أخفى وأبدى الذي أبدى

وإن جاز أن حاكاه في مظهــــــر له    

     فما كلُّ مـــــــــــــــــــــاء عند وارده صدَّى

فأنَّى له حالٌ لديــــــــــــــــــــه سنيَّةٌ   

      مع الله فيها هامَ مـــــــــــــــن فرطها وجدا

أصار بها صــــــــــــومَ الهواجر لذَّةً   

      لديه وطردَ النـــــــــــــــوم عن جفنه شُهدا

وأنَّى له نفس له مستقيمــــــــــــــة      

           وقلب لــــــــــــــــــه لم يعرف الغِلَّ والحقدا

يعامل بالحسنى المســـــيءَ وإن بدا        

        له منه حالُ البغــــــــــــــضِ أبدى له الوِدا

ولولا معاداة الرذائــــــــــــــل والخنا    

            وفعــــــــــــــــــــلِ الدنايا لم نجد عنده أعدا

فكيف يحاكي فعلَـــــــــــــه غيرُ أهله    

            ولست أحاشي الشِّيــــــبَ في ذا ولا المُردا

أليس لأهل العاقل السبــق في الندى   

             وفي البذل في الأنحا وفي الصدر في الأندا

وحلمٌ به ازدانوا وما بلغـــــوا الصبا  

              وفضلٌ به سادوا ومــــــــــــا آنسوا الرُّشدا

وعلمٌ بـــــه اعتادوا اقتناصَ شواردٍ     

    لها اقتدحوا بالفكـــــــــــــر من فهمهم زَندا

وشدُّوا على أعضــــادهم معَ علمهم     

           بسرٍّ به في النــــــــــاس قد أدركوا القصدا

فأعلى لهم قدرًا وبلغهم مُــــــــــــنًى    

    وأورثهم عــــــــــــــــــــــزا وأكسبهم مجدا

هم الغيث إلا أننا لا نــــــــــــــرى به    

           لدى سحــــــــــــــــــه برقا يَروع ولا رعدا

وهم سادة الخمــــــــس الذين تعلقت        

       بهم فئة منا رعـــــــــــــــــــــت ذلك العهدا

تولى إله العرش جلَّ أمــــــــــورهم         

        وأبقى كما قد كــــــــــــــــان طالعهم سعدا.

الاديب الكبير  الحسين بن محنض

السبت، 24 سبتمبر 2022

لمرابط امحمد احمد يور

 لا جدال في مدى قبول مقول الوالد امحمد بن احمديوره ولا جدال في أن القبول شرط الكل ولكن ايضا لاجدال في أن من له أبسط ذائقة في الشعر الفصيح حين يسمع على سبيل المثال قول امحمد


على النهر من ثوبان نفسي حنت == وحنت لأيام كأيام حنة

جذبت عنان الشوق لو كان نافعا == اذا عنت الأشواق جذب الاعنة

لقد خلتموني جئت بدعا وانني ==على سنة للعاشقين مسنة


أوقوله


سقى النخلات اللائي يظهرن من بعد == الى النهر من ثوبان مرتجس الرعد

تذكرني تلك المعاهد دعدها == على حين لا يلفى التواصل من دعد

و ما كنت أهوى نهر ثوبان انما == أصابته عدوى حبها والهوى يعدي


أو قوله


بكاء حمامات تغنين بالأمس == يرد قلوب المرعوين الى الدكس

بكين لأيام بكيت لمثلها == فأصبحن من جنسي وما هن من جنس

يذكرنني عهدا قديما ومعهدا == أحب الى نفسي لياليه من نفسي


أو قوله


منازل الميمون أقوت ذرك == ان لم تبكها فما أصبرك

أمست لسيدان الفلا مألفا == وكل حرث مثل نوني عرك

من بعد ما كانت بها خرد == يصطدننا مثل اصطياد الشرك

لا طارب فيها ولا مطرب == سبحانك اللهم ما اقدرك


أو قوله


أتمسك دمع العين وهـو ذروف==وتأمن مكر البين وهو مخوف

تكلم منا البعض والبعض ساكت==غداة افترقنا والوداع صنوف

فآلت بنا الأحوال آخر وقفــة==إلى كلمات ما لهن حـروف

حلفت يمينا لست فيها بحانــث==لأني بعقبى الحانثين عـروف

لئن وقف الدمع الذي كان جاريا==لثم أمور ما لهن وقــوف


أو قوله


على الربع بالمدروم أيه وحيه == وان كان لا يدري جواب المؤيه

وقفت به جذلان نفس كأنما == وقفت على ليلاه فيه وميه

و قلت لخل طالما قد صحبته == و أدنيته من دون فتيان حيه

أعني بصوب الدمع من بعد صونه == ونشر سرير الشوق من بعد طيه

فما أنت خل المرء في حال رشده == اذا أنت لست الخل في حال غيه


سيدرك لامحالة أن مع ذلك القبول مسحة جمالية لا غبار عليها سيدركها أيضا من له أبسط ذائقة في الادب الحساني لغن حين يسمع على سبيل المثال قول امحمد


ادويرت تونكت افلكصار == ادويره تنكاس اوتنزار

والدار الي كبلت عمار == فوك اتكيليلت علب ابجوك

ذيك الدار افوتو لعمار == والعكل امن اغلاه مضنوك

أوعالم مولان عنه دار == امن ادرات الدني ذوك


او قوله في خطاب جمله الوغره


يالوغره راعي ذاك == حاسي سبت لهلاك

نعرف عنك يرعاك == مستفتر والوغره

أوفسن اكبرت أوماك == مسك هاك ابغره

غير الل سير هاك == يالوغره لا سغره


او قوله


اشمشان و اشكعدن == أن وانت هون اوحدن

يالعكل افدار اعل مدن == كبلت ساحل واد احنين

ظحكه كان اكعدن عدن == أوعنه كان امشين شين

ما فت أن وانت لثنين == فالدار ابكين واشكين

واتمثنين فالدار الين == من حق الدار اتنجين


نعم لقد كتب القبول لهذه النصوص وغيرها من مقول امحمد رحمة الله عليه ولكن ثمت جمال و القبول مع الجمال نور على نور رزقنا الله واياكم القبول

الاثنين، 27 سبتمبر 2021

من روائع ولدأبن ولداحميد

 

بَلِّغ سَلاَمِى إِذَا جِئتَ البَتُولَ لَهَا

وقُل لَهَا إِنَّهَا أَغَرَت بي الوَلَهَا

وأنني مُذ نَأتني مُغرَمٌ دَنِفٌ

لَم أسلُ لَم ألهُ إِن غَيرِى سَلاَولَهَا

إني أُؤَمِّلُ منها أَن تُنَولني

لأنَّ مُنيَةَ نَفسِى أَن تُنَوِّلَهَا

يَا لَيتَ شِعرِى هَل لِىَ بَعدَمَا بَعُدَت

وَصَرَمَت مِن حِبَالِ الوَصلِ أَحبُلَهَا

إِلمَامَةٌ بِنَوَاحِيهَا وجِيرَتِهَا

حَتَّى أُعَلِّلَ نَفسِى أن أُعَلِّلَهَا

إِنَّ البَتُولَ لَهَا في القَلبِ مَنزِلَةً

مَن حَلَّها قَبلَهَا مَا حَلَّ مَنزِلَهَا

فَالظبي يُذَكِّرني إِن يَرنُ مُقلَتَهَا

والشَّمسُ أشنَبَهَا الألمَى وقَيهَلَها

والخَمرُ رِيقَتَها وألبَانُ مَيسَتَهَا

والسِّحرُ نَظَرَتَها واللَّيلُ أَلَيلَهَا

قَالَ العَذُولُ البَتُولُ عَنكَ نَأَت

وصَرَمَت وأطَالَت فِيكَ عُذَّلَهَا

هَلاَّ تَسَلَّيتَ عَنها إِذ سَقَتكَ هَوىً

قَد حَمَلَ النَّفسَ قَسراً أن تَذِلَّ لَهَا

فَقُلتُ إِنَّ النِّوَى تُدني النَّوَى وأَنَا

إِن جِئتُ بِيداً أرَتني البِيدُ مَجهَلَهَا

إن تَنأى مني فَإني غَيرُ مُكتَرِثٍ

بالعَذلِ فِيهَا ولَم أسأم تَدَلُّلَهَا

أنضِى وأعمِلُ فِيهَا نَصَّ يَعمُلَةٍ

حَرٍ أن أنضُيَهَا فِيهَا وأُعمِلَهَا

حَتَّى أُقرِّبَها كَيما أُرَّ بِهَا

عَيني وأنظُرَ عَينَيهَا وأَسأَلَهَا

محمد ولد ابن ولد أحميدا

 


محمد ولد أبُن ولد أحميدًا الشقروي. ولد في ضواحي رقاب العقل (موريتانيا)، وتوفي في دگانة (السنغال). عاش حياته في موريتانيا والسنغال. تعلم مبادئ القراءة والكتابة في بيوتات أهله، وحفظ القرآن الكريم على يد محمذ بن أحميدات، ثم درس المتون الفقهية والعقدية والنحوية الصغيرة، كما درس ديوان الشعراء الستة الجاهليين، وديوان غيلان والمتنبي، إضافة إلى بعض المتون النحوية. عمل بالتجارة في السنغال (من 1935 إلى 1941). يعد محفلاً ثقافيًا وأدبيًا متنقلاً في أنحاء موريتانيا والسنغال، وكان على علاقة قوية بالأمراء والأعيان والتجار الكبار على زمانه.

قصائد محمد ولد ابن ولد أحميدا